: بعيدا عن جيكور شعر الاغتراب الجذع الأدبي

Publié le par OUHOUD

 

درس النصوص: الجذع المشترك الأدبي

المجزوءة الرابعة

الوحدة الثانية: شعر الاغتراب

عنوان القصيدة: بعيدا عن جيكور

للشاعر العراقي بدر شاكر الشياب

    تقديم: موضوعة الاغتراب في الشعر موضوعة قديمة، ليست حكرا على الشعر التفعيلي، ولكن الشاعر الحديث أولاها اهتماما كبيرا نظرا للظروف العصية التي مرت منها الأمة العربية في تاريخها المعاصر وبخاصة حدثي النكبة والنكسة.

وقد عبر الشاعر الحديث على هذه الموضوعة، كما ذهب إلى ذلك الشاعر والناقد المغربي أحمد المعداوي، تحت عنوان تجربة الغربة والضياع، بعد التحول الكبير الذي شهده الواقع العربي بين 1948 و1967، ولم يعد معه الشاعر الحديث قادرا على التأقلم مع واقعه.

ولا ننكر أن يمتزج هذا الأمر السالف مع دواعٍ ذاتية تذكي لدى الشاعر هذا الإحساس.

  1. ملاحظة النص:
  1. صاحب النص: ولد الشاعر بدر شاكر السياب في 25/12/1925 في قرية جيكور التي هام بها أحبها وهي من قري قضاء (أبي الخصيب) في محافظة البصرة. عانا السياب من مرض أنهكه وأنحل جسده، وأرغمه على التنقل بين مصحات في عواصم كثيرة طلبا للعلاج.
  2. مصدر النص: الأعمال الكاملة (سفر أيوب). دار العودة بيروت. طبعة 2016. ص 305 و306.
  3. عنوان النص: بعيدا عن جيكور: يحيل العنوان دلاليا على أن الشاعر كتب قصيدته وهو بعيد عن قريته الصغيرة الهادئة، فهو يتشوق ويتوق إليها. وقد نظم الشاعر القصيدة في أحد مشافي لندن في 28 دجنبر 1962.

 

 

  1. الشكل الطباعي للنص: انتظمت القصيدة في أسطر شعرية اختلفت طولا وقصرا، كما أنها جاءت في مقاطع شعرية (ثلاثة مقاطع، اختلفت هي الأخرى في الطول والقصر).
  1. الفهم:
  • تكثيف مضامين النص: يستهل الشاعر قصيدته بإخبارنا بمكان تواجده، وهو بطبيعة الحال خارج قريته الهادئة الوديعة جيكور، وهو بعيد عن بلدته، لم يعد قادرا على تحديد سبب معاناته، أهو البرد أم الجوع أم المرض؟! ثم يستدرك مع بداية المقطع الثاني ليؤكد لنا بأن المرض هو الذي منعه من الرجوع إلى بلدته، وعلى أنه لعيدا عنها بحس بالضياع، لأن كل ما في هذا المكان يبدو عير طبيعي.

ويخبرنا السياب في المقطع الأخير عن مكان تواجده، إنه في لندن طلبا للعلاج والاستشفاء، وحيدا بلا أهل.

  1. التحليل:

ا- المعجم والحقول الدلالية: يتوزع معجم النص حقلان دلاليان، يحيل أولهما على المرض والثاني على الوحدة والغربة، وفي الجدول التوضيحي الآتي سنضع أربع عبارات وألفاظ للدالة على كل حقل:

ألفاظ وعبارات دالة على المرض

ألفاظ وعبارات دالة على الوحدة والغربة

فإن الداء يشل خطاي

لعيدا عنك... عن بيتي وأطفالي

لولا الداء صارعت الطوى

أشعر أني قد ضعت في الزحمة

الآلام

فارقت داري

المستشفيات

الوحدة

    ويتضح أن العلاقة التي تجمع بين الحقلين هي علاقة ترابط وتكامل، فالشاعر ما كان ليحس بما يحس به لولا اجتماع المرض والغربة عليه.

ورأينا كيف أن الشاعر لا يطيق هذه الحياة التي أجبره عليها الداء، ليعيش بعيدا عن بلدته وأهله، ويؤكد هذا عبارات كثيرة في القصيدة، منها:

  • تشد مخالب الصوان والأسفلت والضجر/ على قلبي،
  • هنا لا طيرَ في الأغصان تشدو غير أطيار/ الفولاذ،
  • أ أصرخ في شوارع لندن الصماء،
  • خذ بيدي على الغمة/ أعني، خفف الآلام عني واطرد الأحزان...

ب- الإيقاع الخارجي:

بعيدا عنك، في جَيكور، عن بيتي وأطفالي

الكتابة العروضية: بـــعـيدن   عنك في   جيكور     عن  بيتي  وأطفالي

التقطيع العروضي: - -0 – 0 - 0 - - 0   - 0 – 0 -  - 0 – 0 – 0 - - 0 – 0 - 0

التفعيلة: مفاعلْتن مفاعلْتن مفاعلْتن مفاعلْتن: نظم الشاعر القصيدة على تفعيلة بحر الوافر.

ج- الإيقاع الداخلي:

  • تكرار التطابق: مخالب/ الجوع/ البرد/ عنك/ وهرة...
  • تكرار التجانس: الوحمة/ لقمة – طير/ أطيار – الزهر/ زهرة...
  • تكرار الصيغة الصرفية: المطر/ الحجر – الأحزان/ الأغصان – صارعت/ فارقت...

د- الصورة الشعرية:

       التشبيه: كأن الجوع أفظع: (من البرد) فالبرد: المشبه والجوع: المشبه به والأداة (كأن) ووجه الشبه: الفظاعة، فالشاعر يمايز بين فظاعة البرد وفظاعة الجوع، فجعل الجوع أفظع. وقد جاء الشاعر بهذه الصورة ليؤثر في المتلقي ويشركه في نفس الإحساس.

 

المجاز: تشد مخالب الصوان والأسفلت والضجر/ على قلبي

    فشبه الشاعر الصوان والأسفلت والضجر بالحيوان المفترس، لكنه حذف المشبه به وكنى عنه بما يلزمه، فكانا أما استعارة مكنية. وظفها الشاعر ليستدعي عند المتلقي خياله فينشئ هذه الصورة العجيبة (صوان وأسفلت وضجر لها مخالب.

ج- الأساليب: لا شك أننا لاحظنا تنويع الشعر لأساليبه في القصيدة، بين الخبرية والإنشائية وكذا أسلوب الشرط، ومن ذلك:

        أساليب الخبر

أساليب الإنشاء

أسلوب الشرط

تشد مخالب الصوان...

يا سكون الليل

لولا الداء ما فارقت داري

فإن الداء يشل خطاي

يا أيها الإنسان

ولو أني صرخت فمن يجيب

قد ضعت في الزحمة

خذ بيدي

 

 

فهل أستوقف الخطوات

 

    تنويع الأساليب يبعد الرتابة عن المتلقي وهو ينتقل من أسلوت إلى ثانٍ.

    والملاحظ بالنسبة للأساليب الإنشائية، أنها لم تأت في مجملها بمعناها الأصلي، وإنما استلزمت معنى آخر، فالنداء في قوله يا سكون الليل غير حقيقي لأن المنادى غير عاقل. والاستفهام في قوله فهل أستوقف الخطوات؟ غير حقيقي أيضا، وإنما جاء به الشاعر ليؤكد به الحال النفسي المترددة والحائرة التي يوجد عليها بسبب المرض والغربة.

  1. التركيب والتقويم:

 

ا- التركيب: قدم الشاعر في القصيدة تجربة ذاتية ترتبط بالحال التي يوجد عليها بعيدا عن أهله وبلده، بعدما اضطره المرض، الذي عانا منه كثيرا على الانتقال بين مصحات عواصم عربية وعالمية: الكويت – بيروت – لندن، وهي العاصمة التي قيلت فيها القصيدة سنتين قبل وفاة الشاعر (28 دجنبر 1962/ 24 دجنبر 1964). والقصيدة كما رأينا تفعيلية اعتمدت نظام السطر والمقطع الشعريين، نوع فيها الشاعر صوره الشعرية وأساليبه.

ب- التقويم:

يقوم التلاميذ بنثر المقطع الأخير من القصيدة ويدلي برأيه في الطريقة التي عبر بها الشاعر عن معاناته.

أ أصرخ في شوارع لندن الصماء: " هاتوا لي أحبائي"؟

ولو أني صرخت فمن يجيب صراخ منتحرِ

تمرّ عليه طول الليل آلافٌ من القُطُرِ؟

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article